في أحد أجزاء رواية إدوارد مورجان فورستر ( نهاية هاوارد ) قال :
إن العلاقات الاجتماعية هي أهم شيء إلى الأبد ، لا الحياة الأخرى المتمثلة في البرقيات والشعور بالغضب ).
تبدو الصورة في ذهني أقرب للشعور بالحياة في عالم تجاوز عدده سكانه ستة مليارات نسمة، وما زال هناك اعتقاد يقود الكثيرين للشعور للدائم / المُحبط أنهم يعانون من الوحدة أو يميلون للعزلة بشكل كبير ، والحقيقة تقول أن هناك عوامل معينة تقودنا للفشل في الكثير من العلاقات التي نحرص على بنائها سواء كانت شخصية أم على مستوى المجتمع أو العمل أو الأسرة ، ويمكن تلخيص أبرزها في النقاط التالية :
– من أنت ؟
أحد الأسئلة التي لا بد أن تجد في ذهنك إجابة منطقية، لا بد أن تعرف نفسك قبل أن يعرفك الآخرون. هذا الجانب يتلخصُ في قدرتك على معرفة الجوانب المكشوفة في شخصية والتي تعرفها أنت، ويعرفها عنك بعض المقربين ، قد تكون هناك سمات معينة مجهولة في شخصيتك لا تعرفها أنت ولا يعرفها الآخرون حسب مصفوفة ( نوافذ جو وهاري)، هذا الأمر ليس بيدك وليس بالضرورة أن تجعله أساس شخصيتك .
معرفتك بنفسك يعتمد على صفاته العامة ، اهتماماتك، هواياتك، ميولك، رغباتك، احتياجاتك… إلخ .
– من هم الآخرون ؟
باختصار مختزل يمكن القول أنهم كل البشر الذين تتوقع في محيط هذا العالم، ومن المهم أن تدرك أهمية كل شخص في هذا العالم ليعرف هو كذلك أهميتك.
كلنا يشعر أنه (مهم) وهذا شعور مستحق لكل شخص فينا، واكتسابك لهذا المفهوم سيقودك بشكل مباشر للاقتناع بأنك جزء من هذا الكون تتأثر به وتؤثر فيه سواء علمتْ أو لم تعلم .
في هذه النقطة يجب أن تدرك أن الآخرين لا يُفترض أن يكونوا كما تريد دائمًا، لكنهم يحترمونك أكثر كلما كنت قادرًا على التماس العذر لهم ، وتقديم نصيحة مناسبة يكون لها الأثر الإيجابي عليهم .
– فكرة بناء العلاقات :
يمكن لك بناء مجتمع صغير جدًا يتكون من شخصين ( أنتَ وشخص آخر)، قد تكون مثلاً ( الزوج والزوجة ) أو (الصديق وصديقُه )أو ( الأب وابنه) أو ( أنت ومديرك في العمل ) أو ( أنت وشخص آخر من هذا العالم تمتلكان القدرة على الاتصال والتواصل)، وفي أغلب الأحيان فإن فشلك في هذا المجتمع الصغير تعني حاجتك لمراجعة نفسك أو الطرف الآخر، ومحاولة علاج الفجوة مبكرًا حتى لا تصبح ( اعتقادًا لديك ).
إن فكرة بناء علاقة جديدة تعني قدرتك على الخروج من صومعتك الذاتية ، وهذا بداية اكتسابك الأولى التي قد تتضمن النجاح أو الفشل لاعتبارات مختلفة كما سنوضح لاحقًا .
– النمذجة الناجحة :
قدرتك على اختيار النموذج المناسب لشخصية تعتقد أنها تتميز بهذه القدرة في بناء العلاقات ، ومحاولة تسجيل ملاحظاتك عن هذا النموذج ، وكيفية تطبيق الأسلوب بطريقتك .
ما هو أفضل نموذج عالمي يمكن لك نمذجته والاقتداء به ؟
بالتأكيد أنك ستعود لمعلمنا الحقيقي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن خلال حضور العديد من البرامج المحلية والدولية في مختلف علوم تطوير الذات والتنمية البشرية لم أجد مهارة أو استراتيجية جديدة إلا ولها مرجع في السنة النبوية ، إنها الطريق المختصر إن أردت النجاح الحقيقي .
– إدارة المواقف :
لا تشترط العلاقات النجاح دومًا ، الأمر هنا مرتبط بأكثر من شخص وأكثر من حالة ، التغيير سنة كونية ، وأنت لا تستطيع امتلاك الآخرين وليس من حقك هذا ، لذلك فإن قدرتك أيضًا على إدارة المواقف التي قد تطرأ على أي علاقة هو عنصر مهم لا بد منه ، وفي الوقت ذاته فإن اختلافك مع الآخرين لا يقود للنهاية إلا إذا كنت تعمل بمبدأ ( إن لم تكن معي فأنت ضدي)، وهذا فَنٌّ نبوي شريف ، فقد يختلف معك الآخرون، لكن هذا لا يعني خسارة العلاقة ، ويكون بإمكانك استخدام أسلوب ( الصمت ) بدلاً من ( العبث اللفظي أو النفسي) الذي غالبًا ينعكس عليك وعلى الآخرين من حولك، الآخرون يشغلهم الفضول لصمتك، وهذا يقودهم لاحترامك أكثر ، ربما مررت بمثل هذا ( حاول تذكر موقف مشابه).
– التطوير المستمر :
لا يوجد إنسان كامل ، لكن هناك فرص للاقتراب من الكمال ، كلما اجتهدت في تطوير قدراتك بالاطلاع والقراءة والاستشارة المناسبة وحضور برامج ذات صلة باحتياجك مثل ( مهارات الاتصال الفعال ، التعامل مع الآخرين ، الثقة بالنفس وغيرها ) كان هذا وعيًا منك باكتساب المعارف والمهارات اللازمة وتعديل سلوكك للأفضل ، لا تنجرف بالاعتقاد الوهمي الذي يقول ( أنا صح والآخرون لا يجيدون فهمي )!
إن أكثر الناجحين يجيدون فن اكتساب العلاقات بينهم وبين أشباههم ، وتتمثل قدرتك في تكوين علاقات إيجابية قادرة على تكوين اتجاه أو مجال لخدمة الآخرين عنصرًا في اكتساب الكثير من العلاقات التي تحفزك للاستمرار في خطوات النجاح .
يمكن من خلال بناء العلاقات الرائعة تكوين فريق عمل لمشروع ، أو الارتقاء بمؤسسة أو شركة ، أو تطوير مشروع معين ، أو تكوين نافذة جميلة تمنح العالم نظرة أكثر تفاؤلاً وإيجابية .